شفيق أبو حماد

حتى لوكان متقاعداً الآن، لن يتوقف الأستاذ شفيق أبدًا عن كونه معلماً. يقف شامخاً، أنيقاً في بدلته وربطة العنق المعقودة بإحكام تماماً مثلما يبدو الرجل الشهم. ولمدة أربعين عامًا، توافدت أجيال من طلاب السموع الى صف مدرس اللغة العربية هذا، وها هم الآن ناجحون في حياتهم بسبب الشغف الذي زرعه فيهم.

“لقد كانت حياتي كلها مدفوعة بحبي للتاريخ؛ أن تكون مولودًا في السموع يعني أن تكون مولودًا في قلب مشهد يروي القصة الكاملة عن هذه المنطقة، وهذا يُعد امتياز ومسؤولية في نفس الوقت “.

وتعتبر دراسة تاريخ المجتمع الذي يعيش به بالنسبة إلى شفيق أبو حماد، جزءًا لا يتجزأ من حياته كمواطن وكمدرس. فهو نوع من المسؤولية المدنية والواجب، تماماً مثلما يولي اهتماماً خاصاً في ارتداء ملابسه أو في ترحيبه بالضيوف أو في الحفاظ على ترتيب ونظافة منزله وحديقته. إن الطريقة التي ينتبه بها إلى الأشياء تخبرك عن طريقته في رؤيته للعالم؛ الاهتمام بنفسك وبتاريخك الخاص وفي رعايتك للآخرين وفي الحياة ذاتها.

“لقد كانت حياتي كلها مدفوعة بحبي للتاريخ؛ أن تكون مولودًا في السموع يعني أن تكون مولودًا في قلب مشهد يروي القصة الكاملة عن هذه المنطقة، وهذا يُعد امتياز ومسؤولية في نفس الوقت “.

وتعتبر دراسة تاريخ المجتمع الذي يعيش به بالنسبة إلى شفيق أبو حماد، جزءًا لا يتجزأ من حياته كمواطن وكمدرس. فهو نوع من المسؤولية المدنية والواجب، تماماً مثلما يولي اهتماماً خاصاً في ارتداء ملابسه أو في ترحيبه بالضيوف أو في الحفاظ على ترتيب ونظافة منزله وحديقته. إن الطريقة التي ينتبه بها إلى الأشياء تخبرك عن طريقته في رؤيته للعالم؛ الاهتمام بنفسك وبتاريخك الخاص وفي رعايتك للآخرين وفي الحياة ذاتها.

“لقد أمضيت سنوات عديده في تدوين كل ما تم اكتشافه في هذه المنطقة: المصنوعات اليدوية، والمباني، وكذلك ايضاً القصص والأساطير والتقاليد. ان تاريخ هذا المكان لا حد له: لأن أقدم آثار الوجود البشري فيها يعود تاريخها إلى 4000 سنة قبل الميلاد. ومنذ العصور البرونزية والحديدية، كانت السموع القرية الرئيسية التي لجأت اليها القرى المهزومة لتحتمي داخل جدرانها عندما كانوا يواجهون الخطر. وقد كان هناك برجاً عالياً قائماً في زمن الكنعانيين والذي إذا تبين أن هناك خطر قريب، كانوا يشعلون في اعلاه ناراً حتى يتمكن الجميع من رؤيتها حتى لو من بعيد وبالتالي يتخذون الاحتياطات اللازمة”.

وبسبب كل هذا البحث والاهتمام، ولد كتابي؛ كتاب تدوين القصص والتاريخ وحياة الملايين من الناس التي وصلت من خلال هذه التلال والوديان إلى السموع. فمن تقليد صناعه الصوف – والتي كانت في أوجها عندما كان عدد الأغنام حوالي 100.000 رأس غنم- إلى هذه الأبنية والتي لكل منها قصة، “لان هذه الأحواش كانت متميزة في ارض مليئة بالكهوف”. وقد توافد الناس إلى هنا، واتخذوا من الكهوف المحيطة مأوى لهم، ثم بدأوا وعلى مر السنين في بناء منازل من الطوب حيث نقلوا هذا الطراز من المباني البيزنطية. لذلك فإن كل قطعة وكل قوس وكل حجر له تاريخه الخاص، ويجب علينا ان نحافظ عليها بعناية “.

لقد كان بإمكاننا ان نسمع صوت وقع الإبرة على الأرض بينما كان شفيق يروي قصته ونحن في منزله. وهذا يجعلنا نفكر في كيف كان يقوم بجذب اهتمام الطلاب داخل صفه، وكيف كانوا يتعلقون بكل كلمة يقولها في الوقت الذي كانت نظراته تجاههم جادة ولكن ليست حادة. وفي هذه المقابلة، كان يجلس الى جانبه حفيده الذي كان ايضاً متابعاً لكل كلمة يقولها جده.

“أولئك الذين لا يهتمون بماضيهم، لا يمكن أن يكون لهم مستقبل. وهذا أمر مهم، حتى عندما يكون الحاضر صعبًا. الوضع هنا ليس سهلاً، فقد استولت إسرائيل على جزء كبير من أرضنا، لكن هذا ليس سبباً أساسياً لعدم اهتمامنا بتراثنا وبتاريخنا.فقد كنت في كل يوم وانا في طريقي من المنزل إلى المدرسة، أحزن بشدة عند رؤيتي للأحواش المهملة أو المهجورة والمليئة بالقمامة أو تلك التي هدمت من أجل بناء منازل جديدة دون إيلاء أي اهتمام أو احترام لأهميتها. كيف يمكن ان يحدث ذلك؟ كيف لم يفهم الناس أنهم بذلك لا يحترمون لا أنفسهم ولا تاريخهم؟ ثم وفي مرحلة ما، جاءت اليونسكو الى السموع لحماية هذه المباني التي كانت قد أقيمت بالعصر العثماني. وقد كان هذا جيدًا، لكننا بحاجة إلى جعل السكان المحليين يشعرون بالمسؤولية، فالأمر متروك لهم لرعاية تاريخهم الخاص “.

واليوم، وبعد مشروع الترميم الطويل، يرى شفيق في المركز فرصة عظيمة.”لقد قدمت بالفعل إلى البلدية مشروعًا عن إقامة متحف، من أجل عرض وتصنيف جميع القطع الأثرية التي تُعد جزءًا من حياة الناس اليومية هنا، حيث لا يدركون في بعض الأحيان قيمة كل قطعة منها. اما الآن فقد أصبح هناك مكان لحماية كل هذه القطع، ومكان يمكننا فيه إحضار الشباب وجعلهم يتعلمون عن تاريخهم، حتى يستطيعوا ان يدركوا كم هم محظوظون بأن يكونوا جزءًا من هذا التاريخ العظيم حتى ولو كان الحاضر معقدًا”.

وبمناسبة افتتاح المركز، اقترحت تنظيم معرض يحتوي على القطع الأثرية الخاصة بمدينتنا. اما بالنسبة للمستقبل، لقد تطوعت بالفعل لأصبح مرشدًا ومساعداً للجنة العلمية في المركز الثقافي، حتى يتم صون تاريخنا أخيراً. ونأمل بأننا سوياً وبوجود هذا المركز نرى الأحواش الأخرى تعود للحياة ثانيةً، لأن المستقبل يبدأ من التعرف على الماضي والاهتمام به “.

العودة إلى الأعلى